زيادة متوسط الأعمار في السعودية- رؤية وإنجازات وتحديات مستقبلية
المؤلف: عقل العقل11.08.2025

ألقى وزير الصحة، فهد الجلاجل، كلمة قيمة في ملتقى الصحة العالمي بالرياض قبل بضعة أشهر، وأشار فيها إلى الارتفاع الملحوظ في متوسط عمر الإنسان على المستوى الوطني، ليصل إلى 77.6 عاماً. وقد أكد الوزير هذا الرقم المُبهج، الذي يحمل في طياته دلالات عظيمة تتعلق بحياة الإنسان وصحته في هذا الوطن العزيز، وذلك خلال زيارته لمنطقة القصيم وافتتاحه لعدد من المشاريع الصحية هناك. وأشار الوزير إلى أن متوسط عمر الفرد القصيمي يتجاوز المعدل الوطني العام، ولكن حبذا لو أفصح عن الرقم الدقيق وأسباب هذا الارتفاع الذي يثير الفضول.
وقد أرجع بعض أبناء المنطقة هذا التميز إلى تناول التمر القصيمي الشهير، ذي الجودة العالية من أنواع البرحي والسكري، بالإضافة إلى الكليجة القصيمية اللذيذة. علاوة على ذلك، قد يكون لنمط الحياة الهادئ والسكينة التي تنعم بها المنطقة، وابتعادها عن الازدحام المروري والصخب الحضري، وتكاليف المعيشة المنخفضة، الأثر الإيجابي على صحة الإنسان النفسية والجسدية. بمعنى آخر، الحياة في هذه المناطق تتسم بالهدوء والبعد عن المنافسة الشديدة. وقد يكون السبب أيضاً طبيعة أهالي المنطقة، المشهود لهم بالجد والاجتهاد وثقافة التجارة والمغامرة المتأصلة في منطقة القصيم والمناطق المشابهة لها، التي تذكرنا بـ "العقيلات" ورحلاتهم التجارية إلى الدول المجاورة، وصولاً إلى مصر والسودان والشام.
وفي تصريحات أدلى بها الوزير مؤخراً في القصيم، عزى ارتفاع متوسط عمر الإنسان السعودي إلى نجاح الخطط والمبادرات المنبثقة عن رؤية المملكة 2030 في الجانب الصحي. ومثالاً على ذلك، ذكر أن نسبة الإحالات الصحية إلى خارج منطقة القصيم قد انخفضت بنسبة تصل إلى 30%. ومن الإيجابيات الأخرى التي أشاد بها وزير الصحة، مشاركة بعض الشركات والبنوك والشخصيات البارزة في التبرع لإنشاء وتجهيز مرافق صحية في المنطقة، وهي بادرة إنسانية نبيلة وغير مستغربة من أبناء هذا الوطن المعطاء تجاه مناطقهم ووطنهم.
تبذل وزارة الصحة والجهات الحكومية والأهلية جهوداً حثيثة لتنفيذ برامج توعوية شاملة في مختلف جوانب الحياة، تهدف إلى رفع مستوى الوعي الصحي لدى المواطنين، وبالتالي زيادة متوسط عمر الإنسان في المملكة. فعلى سبيل المثال، نلاحظ ارتفاع ثقافة ممارسة رياضة المشي في المدن، على الرغم من النقص النسبي في توفير أماكن مُجهزة لممارسة هذه الرياضة. ونأمل من الأمانات والبلديات في المملكة الاهتمام بهذا الجانب المهم، بالإضافة إلى تشديد الرقابة الصحية على الأطعمة، وخاصة الزيوت المهدرجة والمواد الأخرى الضارة بصحة الإنسان. وقد لا نولي اهتماماً كافياً بالقوائم الموجودة في المطاعم والمقاهي، التي تتضمن معلومات تفصيلية عن السعرات الحرارية في الأطعمة والمشروبات، ولكن هذه التفاصيل الصغيرة هي ثمرة جهود كبيرة تبذلها الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الصحة والبلديات، بهدف رفع مستوى الوعي الغذائي لدى المستهلكين، وتقليل الآثار السلبية على صحتهم.
وفي هذا السياق، ونظراً للأهمية القصوى التي توليها القيادة الرشيدة للصحة وعلاج الإنسان، استقبل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، الفريق الطبي من مستشفى الملك فيصل التخصصي، الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم. وقد هنأ سمو ولي العهد الفريق الطبي وقيادات المستشفى على هذا الإنجاز التاريخي الذي يضاف إلى سجل الوطن والعالم. ومثل هذه المتابعة الدؤوبة من قبل القيادة ستساهم في تحقيق قفزات نوعية في الخدمات الصحية، تنعكس إيجاباً على حياة المواطنين، على الرغم من التحديات التي ستواجه القطاع الصحي في رعاية كبار السن صحياً ونفسياً في العقود القادمة.
